الخميس، 15 ديسمبر 2011

التلغراف: خليفة حفتر: "حصان طروادة السي آي إيه إلى ليبيا الجديدة"

كشف المدون اليوناني البروفيسور المتقاعد نيكوس ريتسوس في مدونته الشخصية على موقع التلغراف عن مخطط للاستخبارات الأمريكية للسيطرة على مقاليد الأمور في ليبيا ما بعد القذافي، موضحاً علاقة خليفة حفتر وآخرين بالموضوع: صدر تقرير عن وكالة "الأسوشيتد برس" في الـ11 ديسمبر، سلط الضوء مجددا على اسم (خليفة حفتر) باعتباره رئيس الأركان بالجيش الليبي جاء فيه:

قام حفتر بمحاولة الاستيلاء بالقوة على مطار طرابلس من ثوار الزنتان الذين حرروا المطار من قوات القذافي! كيف لمهاجر ليبي سابق يحمل الجنسية الأمريكية يدعو نفسه "عقيد"، ولم يكن له أي دور في الإطاحة بالقذافي، كيف يتم تنصيبه قائد أعلى للأركان بالجيش في ليبيا الجديدة؟ كيف لشخص جلف أخرق كهذا، كان جالساً في بنغازي خلال احتدام القتال، أن يتحصل على رتبة "عميد أركان"، في الوقت الذي يتم فيه تهميش وتجاهل القادة الميدانيون من الثوار الليبيين؟ إنه إمعة وذيل تابع للولايات المتحدة الأمريكية، وقد يكون تم إعداده وتهيئته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ليصبح رجل ليبيا الجديد!

ينبغي أن نعود إلى بداية الثورة الليبية لنفهم كيفية الوصول المفاجئ لحفتر (الوضيع) إلى ليبيا وكيفية صعود صعود نجمه وارتفاع شأنه... لقد كان كل من خليفة حفتر ومحمود جبريل يعيشان في الولايات المتحدة الأمريكية، وهما على الأرجح مواطنين من أصل ليبي يحملون الجنسية الأمريكية، ظهر كلاهما على مسرح الأحداث في مدينة بنغازي المحررة في توافق زمني مع وصول عملاء سريين لوكالة الاستخبارات الأمريكية وبعض الدبلوماسيين الأمريكيين من المراتب الدنيا إلى بنغازي لتقييم الوضع في البلد وزرع الفسائل لنظام موالي لأمريكا في ليبيا ما بعد القذافي. يحمل العرب بشكل عام كراهية للإدارة الأمريكية ولكنهم في ليبيا احتاجو لمساعدة الغرب للإطاحة بالقذافي، وقد وفر فريق الولايات المتحدة في بنغازي تلك المساعدة المشروطة بأن يستبعد المجلس الوطني الانتقالي كل من يشتبه بكونهم من الإسلاميين، وأن يتم تعيين ذوي المناصب القيادية بالمجلس الانتقالي بموافقة أمريكية، وقد تم اشتراط هذه الموافقة حتى لا تتحول ليبيا إلى وكر لتنظيم القاعدة، ولكن الغرض الحقيقي كان لحماية حقول النفط الليبية.

وقد كان استمرار المجلس الانتقالي في تلك الأيام المبكرة وبقاءه مرهون بتدخل ومشاركة وزير داخلية القذافي "عبد الفتاح يونس"، الذي انشق عن النظام وانضم للثوار مع 8 آلاف من العسكر ممن تحت أمرته. وقد عين المجلس عبد الفتاح يونس قائد عام لأركان جيش ليبيا الجديد، ولكن "خليفة حفتر" الذي كان يسمي نفسه بالعقيد ألتف حول وحدات جيش الثوار في بنغازي، مرتديا بزته العسكرية ونياشينه قائلا لهم "أنه القائد العام لأركان الجيش الليبي الجديد، وأن عبد الفتاح يونس مجرد عميد ركن (وليس قائد ميداني) ". وقد أنتهى هذا الخلاف بكمين قام فيه بعض المسلحون باغتيال يونس، وكان حفتر المشتبه به الأول في هذه القضية ولكن لغز الاغتيال ضل غامضاً حتى الآن. وفي الوقت نفسه تقريباً، ظهر مواطن أمريكي آخر من أصل ليبي وهو محمود جبريل الذي تم تعيينه رئيساً للحكومة، وأختفى أي أثر لحفتر من مسرح الأحداث، ربما تلبية لنصيحة من الأمريكان الذين رأو أن يغيب حفتر لمدة حتى تبرد قضية اغتيال يونس.

شكلت مسألة تعيين جبريل على رأس الحكومة تناقض جديد، كان يتلخص في أن رعايا الولايات المتحدة الأمريكية ممن لم يعيشوا في ليبيا لبضعة عقود صارو يتقلدون مناصب قيادية وحساسة في المجلس الوطني الانتقالي، بينما تم استبعاد ثوار ليبيا الحقيقيون والقادة الميدانيون الذين قاموا بالإطاحة بالقذافي على أرض الواقع، وقيل لهم : "نحن لا نحتاج إليكم الآن، سلموا أسلحتكم واذهبوا إلى بيوتكم، ودعونا نحكم البلاد". مما ولد شكوك كبيرة في أوساط قادة الثوار الذين رفضو ترك أسلحتهم !. ومن تم قام القائد الميداني الذي ((حرر طرابلس)) من كتائب القذافي، والذي يزعم بأنه تم اعتقاله في السابق وتعذيبه على يد وكالة الاستخبارات الأمريكية فعارض بقوة تعيين محمود جبريل على رأس الحكومة، وأجبره على الاستقالة.

واليوم، ومن غياهب المجهول، يظهر علينا مرة أخرى "خليفة حفتر" باعتباره قائد عام الأركان لجيش ليبيا الجديد. وهجومه على ثوار الزنتان للاستيلاء على مطار طرابلس، على الأرجح الخطوة الأولى لافتكاك طرابلس من حكيم بلحاج.

ولن تقبل وكالة الاستخبارات الأمريكية بأي حال أن يتقلد سجين سابق لها زمام الأمور أو يتحصل على منصب رسمي في ليبيا الجديدة. ولا ريب أن هناك قادة آخرين من الثوار ممن تشتبه الوكالة في انتمائهم للتيار الإسلامي، والتي تخطط لاستبعادهم أيضاً.

ويبدو أن خليفة حفتر قد نال ثقة الوكالة للقيام بهذه المهمة. وتعيينه تم على الأرجح بموافقة المجلس الإنتقالي تحت ضغوط ولي ذراع من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. وفي حركة مماثلة منذ نحو سنتين، أرغمت الولايات المتحدة الأمريكية الباكستان تعيين "العميد باسا" قائد للأركان.

والآن يحتاج حفتر لبعض الوقت حتى تتمكن وكالة الاستخبارات الأمريكية من بناء القوات الليبية الرسمية، خصوصا من تم تدريبهم وتمويلهم على يد الأمريكان. مثل هذه القوات مدربة على "القتل فقط" والسيطرة لا غير، وذلك حسب رأي الراهبة المكسيكية والناشطة الحقوقية "كونزويلو موراليس" التي قامت بالتحقيق في شأن القوات الخاصة المكسيكية التي تم تدريبها على يد الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تم توظيفها للقتال والسيطرة على مناطق تجارة المخدرات. (صحيفة شيكاغو تريبيوت 13/11/2011). والتي ستشرع فور تجهيزها باقتحام بيوت الليبيين في زيارات الفجر المفاجئة لاغتيال وتصفية أي من الثوار الليبيين ممن لا يذعنون لسيطرتها. لقد حدث ذلك في العراق وفي أفغانستان، وهي الطريقة الوحيدة التي يتمكن من خلالها عميل الاستخبارات الأمريكية من السيطرة على جيش ليبيا الجديدة والإطاحة بالثوار.

لقد نجح ثوار ليبيا في الإطاحة بالقذافي بواسطة الغرب، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتورع عن اختطاف هذا النصر والإطاحة بهم. وعلى ثوار ليبيا أن يبقوا على يقظتهم، ويستمروا في نشاطهم الميداني ولا يسلموا أسلحتهم تحت أية ضغوط، ويضعوا المجلس الانتقالي تحت مراقبة دقيقة متواصلة. رحل القذافي، ولكن بقيت الطفيليات التي يتحكم بها الغرب، جاهزة للقضاء على الثوار...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق